قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بلغو عنى ولو أية وقد أخترت لكم هذة الأية الكريمه
لتعلمو ما بها من قوة ربانيه لا منازع فيها
قال تعالى
بسم الله الرحمن الرحيم
(لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) (الحديد:25).
صدق الله العظيم
إنزال الحديد من السماء
في دراسة لتوزيع العناصر المختلفة في الجزء المدرك من الكون لوحظ أن غاز الإيدروجين هو أكثر العناصر شيوعا إذ يكون أكثر من74% من مادة الكون المنظور, ويليه في الكثرة غاز الهيليوم الذي يكون حوالي24% من مادة الكون المنظور, وأن هذين الغازين وهما يمثلان أخف العناصر وأبسطها بناء يكونان معا أكثر من98% من مادة الجزء المدرك من الكون, بينما باقي العناصر المعروفة لنا وهي(103) عناصر تكون مجتمعة أقل من2% من مادة الكون المنظور,وقد أدت هذه الملاحظة إلي الاستنتاج المنطقي أن أنوية غاز الإيدروجين هي لبنات بناء جميع العناصر المعروفة لنا وأنها جميعا قد تخلقت باندماج أنوية هذا الغاز البسيط مع بعضها البعض في داخل النجوم بعملية تعرف باسم عملية الاندماج النووي تنطلق منها كميات هائلة من الحرارة,. وتتم بتسلسل من أخف العناصر إلي أعلاها وزنا ذريا وتعقيدا في البناء.
فشمسنا تتكون أساسا من غاز الإيدروجين الذي تندمج أنويته مع بعضها البعض لتكون غاز الهيليوم وتنطلق طاقة هائلة تبلغ عشرة ملايين درجة مئوية, ويتحكم في هذا التفاعل( بقدرة الخالق العظيم) عاملان هما زيادة نسبة غاز الهيليوم المتخلق بالتدريج, وتمدد الشمس بالارتفاع المطرد في درجة حرارة لبها, وباستمرار هذه العملية تزداد درجة الحرارة في داخل الشمس تدريجيا, وبازديادها ينتقل التفاعل إلي المرحلة التالية التي تندمج فيها نوي ذرات الهيليوم مع بعضها البعض منتجة نوي ذرات الكربون12, ثم الأوكسجين16 ثم النيون20, وهكذا.
وفي نجم عادي مثل شمسنا التي تقدر درجة حرارة سطحها بحوالي ستة آلاف درجة مئوية, وتزداد هذه الحرارة تدريجيا في اتجاه مركز الشمس حتى تصل إلي حوالي15 مليون درجة مئوية, يقدر علماء الفيزياء الفلكية أنه بتحول نصف كمية الإيدروجين الشمسي تقريبا إلي الهيليوم فإن درجة الحرارة في لب الشمس ستصل إلي مائة مليون درجة مئوية, مما يدفع بنوي ذرات الهيليوم المتخلقة إلي الاندماج في المراحل التالية من عملية الاندماج النووي مكونة عناصر أعلي في وزنها الذري مثل الكربون ومطلقة كما أعلي من الطاقة, ويقدر العلماء أنه عندما تصل درجة حرارة لب الشمس إلي ستمائة مليون درجة مئوية يتحول الكربون إلي صوديوم ومغنيسيوم ونيون, ثم تنتج عمليات الاندماج النووي التالية عناصر الألومنيوم, والسيليكون, والكبريت والفوسفور, والكلور, والأرجون, والبوتاسيوم, والكالسيوم علي التوالي, مع ارتفاع مطرد في درجة الحرارة حتى تصل إلي ألفي مليون درجة مئوية حين يتحول لب النجم إلي مجموعات التيتانيوم, والفاناديوم, والكروم, والمنجنيز والحديد( الحديد والكوبالت والنيكل) ولما كان تخليق هذه العناصر يحتاج إلي درجات حرارة مرتفعة جدا لاتتوافر إلا في مراحل خاصة من مراحل حياة النجوم تعرف باسم العماليق الحمر والعماليق العظام وهي مراحل توهج شديد في حياة النجوم, فإنها لاتتم في كل نجم من نجوم السماء, ولكن حين يتحول لب النجم إلي الحديد فانه يستهلك طاقة النجم بدلا من إضافة مزيد من الطاقة إليه, وذلك لأن نواة ذرة الحديد هي أشد نوي العناصر تماسكا, وهنا ينفجر النجم علي هيئة مايسمي باسم المستعر الأعظم من النمط الأول أو الثاني حسب الكتلة الابتدائية للنجم, وتتناثر أشلاء النجم المنفجر في صفحة السماء لتدخل في نطاق جاذبية أجرام سماوية تحتاج إلي هذا الحديد, تماما كما تصل النيازك الحديدية إلي أرضنا بملايين الأطنان في كل عام.
ولما كانت نسبة الحديد في شمسنا لاتتعدي0.0037% من كتلتها وهي أقل بكثير من نسبة الحديد في كل من الأرض والنيازك الحديدية التي تصل إليها من فسحة الكون, ولما كانت درجة حرارة لب الشمس لم تصل بعد إلي الحد الذي يمكنها من انتاج السيليكون, أو المغنيسيوم, فضلا عن الحديد, كان من البديهي استنتاج أن كلا من الأرض والشمس قد استمد ما به من حديد من مصدر خارجي عنه في فسحة الكون, وأن أرضنا حينما انفصلت عن الشمس لم تكن سوي كومة من الرماد المكون من العناصر الخفيفة, ثم رجمت هذه الكومة بوابل من النيازك الحديدية التي انطلقت إليها من السماء فاستقرت في لبها بفضل كثافتها العالية وسرعاتها الكونية فانصهرت بحرارة الاستقرار, وصهرت كومة الرماد ومايزنها إلي سبع أرضين: لب صلب علي هيئة كرة ضخمة من الحديد(90%) والنيكل(9%) وبعض العناصر الخفيفة من مثل الكبريت, والفوسفور, والكربون(1%) يليه إلي الخارج, لب سائل له نفس التركيب الكيميائي تقريبا, ويكون لب الأرض الصلب والسائل معا حوالي31% من مجموع كتلة الأرض, ويلي لب الأرض إلي الخارج وشاح الأرض المكون من ثلاثة نطق, ثم الغلاف الصخري للأرض, وهو مكون من نطاقين, وتتناقص نسبة الحديد من لب الأرض إلي الخارج باستمرار حتى تصل إلي5,6% في قشرة الأرض وهي النطاق الخارجي من غلاف الأرض الصخري.
من هنا ساد الاعتقاد بأن الحديد الموجود في الأرض والذي يشكل35,9% من كتلتها لابد وأنه قد تكون في داخل عدد من النجوم المستعرة من مثل العماليق الحمر, والعماليق العظام والتي انفجرت علي هيئة المستعرات العظام فتناثرت أشلاؤها في صفحة الكون ونزلت إلي الأرض علي هيئة وابل من النيازك الحديدية, وبذلك أصبح من الثابت علميا أن حديد الأرض قد أنزل إليها من السماء, وأن الحديد في مجموعتنا الشمسية كلها قد أنزل كذلك إليها من السماء, وهي حقيقة لم يتوصل العلماء إلي فهمها إلا في أواخر الخمسينيات, من القرن العشرين, وقد جاء ذكرها في سورة الحديد, ولايمكن لعاقل أن يتصور ورودها في القرآن الكريم الذي أنزل منذ أكثر من أربعة عشر قرنا علي نبي أمي( صلي الله عليه وسلم) وفي أمة كانت غالبيتها الساحقة من الأميين, يمكن أن يكون له من مصدر غير الله الخالق الذي أنزل هذا القرآن بعلمه, وأورد فيه مثل هذه الحقائق الكونية لتكون شاهدة إلي قيام الساعة بأن القرآن الكريم كلام الله الخالق, وأن سيدنا محمدا( صلي الله عليه وسلم) ما كان ينطق عن الهوي( إن هو إلا وحي يوحي* علمه شديد القوي.