((( مابين الأباء والأبناء )))
أيها الإخوة المؤمنون ... ما دامت الرحمة بالأولاد شيءٌ فطرة الله الذى فطرالناس عليه ، إذاً من لم يجد عنده هذه الرحمة فهذه حالة شاذة ، حالة مرضية ، النبي عليه الصلاة يقول في حديثٍ صحيح، رواه الإمام الترمذي : ((ليس منا)) .
أي نفى انتماءه للإسلام ، أيْ ليس مسلماً ، وحيثمـا قرأتم في الأحاديث الشريفة أحاديث كثيرة مفتتحة بقوله عليه الصلاة والسلام : ((ليس منا)) .
فهذا شيءٌ من الكبائر الذي ينفي عن المُسلم إسلامه ، وينفي عن المؤمن إيمانه ، بل ينفي أن ينتمي مثل هذا الإنسان الذي يفعل هذا الفِعل إلى مِلَّة النبي عليه الصلاة والسلام : ((من لم يرحم صغيرنا ويعرف حق كبيرنا فليس منا)) .
( من الدر المنثور : عن " عبد الله بن عمرو " )
الكبير يُعرف حقـه ، يحترم ، والصغير يُرْحَم ، هذا مما أراده النبي عليه الصلاة والسلام تقريراً لفطرةٍ فطر الناس عليها .
شيءٌ آخر .. الإمام البخاري روى عن أبي هريرة رضي الله عنه حديثاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ((أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجلٌ ـ أتى النبي مفعول به مُقَدَّم ، أي أتى رجلٌ النبي عليه الصلاة والسلام ـ ومعه صبيّ فجعل هذا الرجل يَضُمّه إليه تعبيراً عن رحمته به فقال عليه الصلاة والسلام : أترحمه ؟ قال : نعم ، فقال : فالله أرحم بك منك به)) .
حديثٌ دقيق ولا سيما هـذا الحديث موَجـهٌ إلى الآباء والأمهات ، ما شعورك تجاه طفلك الصغير ؟ إنه قطعةٌ مِنك ، إنه فِلْذة كبدك ، تحب أن تجوع ويشبع ، تحب أن تعرى ويكتسي ، تحب أن تخفض ويرتفع ، هذا الشعور ، النبي عليه الصلاة والسلام يقول : ((فالله أرحم بك منك به وهو أرحم الراحمين)) .
بل إن بعض الأحاديث الشريفة تقول : إن النبي عليه الصلاة والسلام رأى امرأةً تُقَبّل ابنها، وهي تخبز على التنور فقال عليه الصلاة والسلام :((فوالله ، لله أرحم بعباده من هذه بولدها)) .
( من مختصر تفسير ابن كثير )
فإذا أردت التَعَمُّق كأن الله سبحانه وتعالى جعل من علاقة الآباء بالأبناء درساً بليغاً تعرف به طَرفاً من محبة الله بخلقه ، من رحمته بهم، شعورك أنت تجاه ابنك العاصي ، تجاه ابنك العاق، تتمنى له كل خير ، تتمنى أن يعود إليك ، لو عاد إليك تنسى كل الماضي ، شعور الأب نموذجٌ مصغرٌ جداً جداً جداً عن رحمة الله سبحانه وتعالى قال : ((أترحمه ؟ قال : نعم ، فقال : فالله أرحم بك منك به وهو أرحم الراحمين)) .
ولقد روى الإمام البخاري أيضاً حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أن النبي عليه الصلاة والسلام قال لبعض من شاهده : ((أتقبلون صبيانكم ؟ فقال هذا الرجل : ما نقبلهم ، فقال عليه الصلاة والسلام : وما أملك لك أن نزع الله من قلبك الرحمة)) .
أيْ أنَّ هذا العطف البليغ بين الآباء والأبناء فطرة ، فمن خالف الفطرة فهذا حالةٌ مرضية شاذة ، ولا ينتمي إلى هذا الدين بأي أنواع الانتماء .
ولقد روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :((قَبَّل رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي وعنده الأقرع بن حابس التميمي جالس ، فقال الأقرع : يا رسول الله إن لي عشرة من الولد ما قبَّلت منهم أحداً ، فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم نظرة عجب وقال: من لا يرحم لا يُرحم)) .
وفي الحديث القدسي : ((إن كنتم ترجون رحمتي فارحموا خلقي)).
( من كنز العمال : عن " أبي بكر " )
وقد روى الإمام البخاري أيضاً في حديثٍ صحيح ، قال : جاءت امرأةٌ إلى السيدة عائشة ، أعطتها عائشة ثلاث تمرات ، فأعطت كل صبيٍ لها تمرة ، وأمسكت بنفسها بتمرة ، فأكل الصبيانِ التمرتين ونظرا إلى أمّهما ، فعمدت الأم إلى التمرة فشقَّتها نصفين ، فأعطت كل صبيٍ نصف تمرة ـ وحرمت نفسها نصيبها ـ فجاء النبي عليها الصلاة والسلام فأخبرته السيدة عائشة بما رأت من هذه المرأة ، فقال عليه الصلاة والسلام : ((وما يعجبك من ذلك ؟ ـ أي ما المغزى من هذه القصة ؟ ما الذي لفت نظركِ منها ؟ ما موطن العجب ؟ أين كان مركز الثِقل في هذه القصة ؟ ـ فقال عليه الصلاة والسلام : لقد رحمها الله برحمة صبيّها)).
والحديث الذي أرويه كثيراً مِن أن النبي عليه الصلاة والسلام قال : ((أول من يمسك بحلق الجنــة أنا ـ أيْ أول إنسان يدخـل الجنـة هو النبي عليه الصلاة والسلام ـ قال : فإذا امرأةٌ تنازعني تريـد أن تدخـل الجنة قبلي ، قلت : من هذه يا جبريل؟ ـ طبعاً هي لا تعرفه ، هكذا سياق الحديث ـ قال : يا رسول الله إنها امرأةٌ مات زوجها ، وترك لها أولاداً فأبت الزواج من أجلهم)) ـ رعايةً لحقهـم رحمةً بهـم ، تأليفاً لقلوبهم ، جمعاً لشملهم ، تصفيةً لمشاعرهم ، أبت الزواج من أجلهم ـ .
شيءٌ آخر الإمام البخاري ومسلم رحمهما الله تعالى رويا معاً حديثاً متفقاً عليه عن أسامة بن زيد نص الحديث : ((أرسلت بنت النبي عليه الصلاة والسلام إلى أبيها أن ابني قد احتضر ـ أي دخل في مراحل النِزاع ـ فاشهدنا ـ أي احضر معنا يا أبتِ يا رسول الله ، يبدو أن النبي عليه الصلاة والسلام كان في أمر شديد الخطورة مع أصحابه ـ فأرسل النبي عليه الصلاة والسلام إلى ابنتها يقرؤها السلام ويقول لها ـ وهذا الحديث يحلُّ مشكلات الناس جميعاً ـ يقول لها :
((إن لله ما أخذ ، وله ما أعطى، وكل شيءٍ عنده بأجلٍ مسمى فلتصبر ولتحتسب))
((إن لله ما أخذ ، وله ما أعطى، وكل شيءٍ عنده بأجلٍ مسمى فلتصبر ولتحتسب))
بالله عليكم أعتنو بأولادكم
منقول من موسوعة النابلسى للعلوم الأسلاميه
هناك 3 تعليقات:
بسم الله وبعد
أشكرك على هذا الموضوع الجميل
وبخصوص هذا الموقع رائع سر على بركة الله .. موفق
أخوك في الله \ أبو مجاهد الرنتيسي
أخى أبو مجاهد
الحمد لله أنة نال أعجابك
وشكرا على أهتمامك فأنت خير الصديق
إرسال تعليق